لأفضل تجربة، يمكنك الاستماع إلى هذا المقطع أثناء القراءة
في مرحلة الإعدادية انضممت إلى نادٍ للألعاب القتالية، وكنت أتدرب على لعبة التايكواندو.
فكان المدرب دائمًا يصرخ علينا مطالبًا بأن نتحمل الألم ولا نُظهر ضعفنا، فهذا يعطي للخصم انطباعًا بأننا ضعفاء.
وكنت أفتخر بأنني لا أبكي ولا أتألم،
ولا تهزني مشاهدة مشاهد القتل وسفك الدماء أو التعذيب،
فأنا رجل، والرجل لا يبكي،
هذا ما تربيت عليه.
ففي المحطة الأولى، ذكرت أنني خرجت من التأمل الثاني والثالث دون أن تنزل مني قطرة دموع، في حين كانت القاعة تهتز من البكاء. ولكن بالنسبة لي، فقد حققت النجاح بالعبور من المشاعر دون أن أشعر، وكنت كالجبل لا أبكي.
في آخر يوم من برنامج التأمل (المستوى الأول – المحطة الأولى)،
ذكر لنا طلال أن هذا تأمل، وهناك برامج علاجية (ثيرابي)،
والبرامج العلاجية تُخلصك من شيء فيك، وليست كالتأمل، فهو فقط مُسكّن يهدئك لكنه لا يعالج.
وأن أغلب برامجه العلاجية في الخارج، ولا يقدمها حالياً في الوطن العربي.
حتى جاء اليوم الذي أعلن فيه منسق الدورة عن فتح باب التسجيل لبرنامج "كاا ثيرابي" في دبي،
وهو أول برنامج علاجي يُقدَّم من قبل طلال خلف في دبي.
فتحمست جدًا للتجربة، وكوني رأيت فرقًا كبيرًا بعد التأمل،
فماذا سيحدث في العلاج؟ لا بد أنه شيء عظيم.
وسجلت، وكان هناك متطلبات للبرنامج،
منها الالتزام بنظام أكل صحي،
وأن المشاركين سوف يُقسَّمون إلى ثلاث مجموعات،
لكل مجموعة ساعة محددة للدخول يجب أن نتواجد فيها،
ووضعني المنسق في المجموعة الثالثة كون باقي المجموعات فقط سيدات،
ومجموعتي بها رجال.
وجاء يوم البرنامج، وكانت مجموعتي ستدخل في الساعة 9 بعد صلاة العشاء.
وصلت قبل الموعد، وكانت هناك سيارات واقفة، فعلمت أنها للمجموعة الثانية،
وأشخاص مثلي ينتظرون، فأدركت أنهم الأشخاص الذين معي في المجموعة.
حتى صارت الساعة 9، وجاءنا المنسق يطلب الانتظار لأن المجموعة السابقة لم تنتهِ.
فلم أمانع، فأنا لم يكن لدي التزام.
واستمررنا في الانتظار حتى صارت الساعة 10، فجاء المنسق يطلب منا الانتظار أكثر، ولم أعترض،
ولكن إحدى السيارات غادرت ولم تنتظر أكثر.
وبعدها بوقت قصير، دخلنا.
ونحن ندخل، كان المشاركون السابقون يخرجون،
بأيديهم مناديل لتجفيف دموعهم،
وأنا كنت أشاهد مستغربًا ومتحمسًا.
فدخلنا، وكان طلال أمامنا، فكان الجميع يذهب إليه للسلام عليه والجلوس.
فعندما وصلت إليه ومددت يدي، قال لي:
"نحن اللي نحبهم ما نسلم عليهم، نضمهم"،
وفتح يديه وضمني 😭
(وأنا أكتب هذه الكلمات، عيوني تبكي.
ربي، إني لا أعلم ما فعلتُ لترزقني بحب طلال.
الإنسان الذي بقربه تحس بالاطمئنان والاحتواء والحب والأمان.
الإنسان الذي ليس كمثله إنسان.
كونك فقط موجودًا بقربه، يكفي لتكون بخير.
وقد أنشأت هذا الموقع خصيصًا لأوثق رحلتي معه، مع معلم الحب الصادق الحقيقي طلال خلف،
وكيف تغيرت... وتغيرت حياتي).
طبعًا حضن طلال لا يشبه أي حضن آخر،
لا تريده أن ينتهي، ولا تريده أن يفتح يديه،
وتشعر بأنك تغوص بداخله حتى تصل إلى قلبه،
يدخلك إلى أعماقه، وتغمر بالأمان والسكون.
بعدها ذهبت وجلست في حلقة، وكنا مجموعة صغيرة،
والذي يجلس بجانبي رجل، بدأنا بالتحدث قليلاً قبل أن يبدأ طلال.
ثم جاء طلال وأعطانا التعليمات.
لا أريد الدخول في التفاصيل، فالتعليمات كانت تغوص بنا إلى أعماقنا،
وتوقفت عند موقف لا أتذكر كيف وصلت له حدث لي في سن السابعة،
حين قال لي أحدهم:
"أنت عمرك ما تعرف تسوي شيء"،
ولأول مرة شعرت بأنني مظلوم، مقهور، وأريد البكاء،
لكن لم أبكِ، (الرجال لا يبكون).
سألنا طلال بعد الانتهاء إن كنا وصلنا للموقف الذي تسبب لنا بالألم، فكنا نُجيب.
ثم طلب منا الوقوف لتطبيق الخطوة الثانية في التقنية.
ولما وقفت وبدأت التطبيق، جاءني طلال وأنا أُطبِّق.
لمسني على صدري وسألني:
"شو اللي خاشنه هني؟"
وبعد أن رفع يديه،
كأنه رفع سدًّا كان يحجز نهرًا من الدموع.
بكيت بكاءً لم أبكه طول حياتي،
بكاءً رغم شدته، كان عذبًا،
بكاءً يشفيني، لا أريده أن ينتهي،
ولأول مرة لا أحاول كبت نفسي عن البكاء، بل أريد أن أبكي أكثر وأكثر.
واستمررت في البكاء حتى انتهاء التطبيق.
ثم جلسنا في حلقة، لكني لم أتكلم، كنت أبكي.
اطمأن علينا طلال، ثم سمح لنا بالذهاب، لكنني لم أذهب،
استمريت في البكاء... والبكاء... والبكاء.
حتى أحسست أنني قادر على الخروج، وخرجت.
وشاهدت طلال في الخارج يضع بعض أشيائه في السيارة التي ستنقله،
فذهبت إليه وحضنته،
وقلت له:
"أول مرة أبكي في حياتي، بس ما أبي أوقف دموع،
وأحس نفسي وايد بخير، وايد... شكرًا طلال".
وذهبت إلى سيارتي وأنا أبكي،
واتصلت بزوجتي، أم عفراء، وأنا أبكي.
وكانت خائفة، فكنت أطمئنها أنني بخير، لكن لا أستطيع التوقف عن البكاء، ولا أريد التوقف.
وقدت سيارتي إلى المنزل وأنا أبكي.
وكان الوقت متأخرًا، فنمت وأنا أبكي.
واستيقظت في الصباح وقد توقف البكاء،
لكني كنت مشتاقًا للبكاء،
لأنه لم يكن بكاءً يؤلم،
كان بكاءً يشفي،
بكاءً عذبًا لا أستطيع وصفه.
في اليوم الثاني من البرنامج، وهو اليوم الأخير،
كانت مجموعتي ستبدأ بعد العصر، لأن باقي المجموعات بدأت قبلنا.
ذهبت في الموعد، وكنت أبكي قليلاً وأهدأ قليلاً.
وعندما جلسنا، أخبر المنسق طلال أن هذه الأخت التي لم تدخل بالأمس جاءت اليوم.
فسألها طلال سؤالًا جميلًا جدًا:
"شو الشي اللي أهم منج؟ تركتي الشي اللي لج ورحتي له؟"
ثم أكمل:
"هذا المواقف فرصة لنا نشوف شو نختار على حساب أنفسنا".
سبحان الله، لا يوجد موقف يحدث عبثًا.
فسؤال طلال هذا، دائمًا يتردد في أذني عندما أحتار في اختياراتي.
فدائمًا أختار الشي المفيد لي، الشي اللي فيه خير لخالد.
هي من لم تنتظر، وهي من سألها طلال السؤال،
لكن في الحقيقة كانت رسالة لخالد،
غيّرت طريقة اختياري للأمور بعد ذلك اليوم.
وبعدها اطمأن علينا طلال، وأخبرنا المنسق بوجود يوم ثالث،
لكني لم أسجل، واكتفيت بيومين.
في اليوم الثاني، طبقنا ما طلبه طلال منا،
وبكيت أيضًا بشدة حتى اقتربنا من نهاية التمرين، وبدأت أهدأ،
ثم دخلت في حالة من السكون والهدوء
لم أختبرها من قبل، وصار فيني هدوء جميل جدًا،
خرجت من اليوم الثاني، ولا أريد شيئًا، فقط الاستمتاع بهذا الهدوء،
حتى أنني لم أكن أرغب بالكلام من شدة الهدوء.
وأتذكر أنني سألت طلال في اليوم الثاني
بأنني بدأت بتطبيق التأملات التي تعلمتها في الدورة يوميًا منذ أسبوع، فهل في ذلك مشكلة؟
فقال لي:
"لا توجد مشكلة، لكن سيكون متعبًا عليك.
طبق التأمل عندما تشعر أنك تحتاج إليه، بدلًا من أن تُجبر نفسك عليه يوميًا".
خرجت من البرنامج في اليوم الثاني
وأنا في قمة هدوئي
وأنا إنسان حقيقي
يشعر، ويبكي، ويعبّر.
فصرت لاحقًا:
خالد الإنسان الذي يبكي
خالد الإنسان الذي يضحك
لم أعد أتحكم في عبور المشاعر،
إن شعرت بالضحك، أضحك،
وإن أردت البكاء، أبكي.
هذي فيديدو من برنامج كاا من معلمي طلال خلف
وكتبت بعد البرنامج تجربتي،
وهذه صورة من حسابي (إلى اليوم لا يزال المنشور موجودًا في حسابي).
هذه كانت نهاية المحطة الثانية.
أعتذر عن التأخر في النشر في الوقت الموعود، إذ صادف العيد ثم لم تسنح الفرصة.
وما أُطبّقه في حياتي هو ما تعلّمته من معلّمي:
”Mediation Lifestyle — أي "الحياة لحظة بلحظة".
فلا أحاول تغيير الأمور، بل أنساب معها،
وكان لهذا المنشور أن يُنشر اليوم.
كذلك، لا أكتب إلا عندما أشعر أنني أكتب من قلبي،
فلا أكتب فقط لأملأ الفراغ.
وكذلك لدي روتيني الخاص قبل الكتابة،
وإن سنحت الفرصة، قد أشارك بعض الأمور التي أقوم بها
لمساعدتي على أن أكون دائمًا أكثر اتصالًا بقلبي.
خالد الحمادي
يا الله سبحان الله وايد تأثرت و فعلا كلام استاذ طلال انه روح لما تحتاج مب تجبر نفسك ، و فعلا نحن منو نختار وكيف نختار ، وايد شكرا على شجاعتك انك شاركت تجربتك شكرا من القلب
كلامك يعيد التجربه ويعيد التشافي ، الله يبارك لك كلمات مؤثره و حقيقيه وتلامس كل من جرب برامج التشافي للاستاذ طلال 🙏🏻