لأفضل تجربة، يمكنك الاستماع إلى هذا المقطع أثناء القراءة
لم أتخيّل يومًا بأنني شخص يثور غضبًا، فلا أذكر أنني رفعت صوتي على أحد، أو أنني غضبت فقمت بضرب أحد.
فردات الفعل كهذه لا تخرج مني.
وكنت لو تعرضت لموقف يغضبني "أسكت وأطوفها".
وشاهدت حولي أوناساً ينفجرون غضبًا ويتسبّبون بتكسير الأشياء أو حتى الصراخ بصوت عالٍ، وكنت أقول: الحمد لله أنا لست كذلك ولا يوجد داخلي غضب.
في سنة 2017 دخلت برنامج مع معلمي طلال خلف فكتشفت أن بداخلي بركانًا من الغضب الراكد كنت أكتمه ولم اكن اعلم به، فظننت أنني شخص لا يغضب.
جاء دخولي للبرنامج من رغبتي في الاستمرار في تطوير ذاتي بعد البرامج السابقة مع معلمي رأيت فيهم الخير الكثير، فتحولت إلى مغامر يبحث عن تجارب جديدة مع معلمه حبًا في اكتشاف أعماق جديدة. وجاء الإعلان عن برنامج جديد وهو Emotion Release في دبي للمرة الثانية.
ورغم أنني دخلت برامج كثيرة بعده، لكن لم أدخل برنامجًا يحتوي على إعداد مسبق مثل هذا البرنامج.
لم تقتصر التعليمات للمشاركين بالالتزام بنظام غذائي، بل امتد ليكون كذلك البدء بالقيام ببرامج رياضية تزيد اللياقة القلبية (كالجري أو السباحة)، وهنا زاد حماسي للبرنامج.
في اليوم الأول وصلنا ونحن لم نفطر شيئًا إلا القليل، وكانت هذه من تعليمات البرنامج.
فبعد ترحيب معلمي طلال بنا وشرحه للتقنية، والذي لم يستغرق وقتًا طويلًا، طلب منا البدء بالتطبيق.
وبدأنا التطبيق الذي على الرغم من بساطته إلا أنه يخرج الغضب الذي بداخلك،
فتتفجّر كالحمم البركانية، فالتقنية أيقظت البركان.
وفار الغضب من أعماق بطني مرورًا بقهر في صدري وصولًا إلى صراخ من حنجرتي.
وكان التطبيق محكمًا بتوجيهات المعلم، فعندما يطلب التوقف نتوقف عن التطبيق ويبدأ هنا التعبير.
فرأيت بعيني كيف شعور واحد كالغضب يمكن ان يتسبب في تفريغ عدة مشاعر؛ كالقهر والحزن والتعب والانكسار. وعشت هذه المشاعر على مواقف من الماضي ووقتها ولم أعبر عن غضبي وقلت فيها "بطوفها"، لكنني "كتمتها".
فمعلمي كان كالفنان الذي يعلم أن اللوحة ستخرج رائعة رغم غرابة المشهد، فكنا نتوقف ثم يطلب العودة للتطبيق، وكلما عدت كنت أنفجّر غضبًا أكثر ومن مواقف أعمق.
وللعلم كنا نبدأ بدون وجبة الفطور ونطبّق لمدة ليست بالقليلة حتى موعد الغداء. وهذه التجربة تعلمت فيها أن جسد الإنسان قوي جدًا جدًا. فعندما كنت أطبّق وينفجر الغضب في داخلي كنت أستغرب من أين جاءتني كل هذه القوة.
عدنا في اليوم الثاني، وبنفس الطريقة قمنا بتطبيق التقنية.
وكنت أضن أنني انتهيت وفرّغت كل شيء في اليوم الأول، ولكن فاليوم الثاني تفاجأت بأن مازال هناك الأعمق.
وأتذكر في نهاية البرنامج جلسنا مع معلمي، وقد أخبرنا أن المدربين لهذه التقنية على مستوى العالم قليلون جدًا، لأن البرنامج التدريبي طويل وصعب جدًا، والأغلب ينسحب منه ولا يستكمله.
ويُعد معلمي من القلائل في العالم الذين يدربون فيه.
ثم دخلت مجموعة خلفنا، وأخبرنا معلمنا بأنهم المشاركون في البرنامج نفسه في المرة الأولى، وتحدثوا عن تجربتهم والأثر الجميل الذي رأوه بعد البرنامج.
بعد البرنامج اكتشفت أنني أحمل الغضب داخلي ولست خاليًا منه. وهذا ما تعلمته في تجربتي: فكنت أظن أنني لا أبكي حتى دخلت KAA، وأنني لا أغضب حتى دخلت Emotion Release واليوم عندما يقول لي أحدهم إنه لا يكتم شيئًا داخله، يكون جوابي: "ادخل التجربة وتأكد بنفسك".
وفي نهاية البرنامج حدثت لي مساحة عظيمة من الاحتواء والسكون، ففوهة بركان الغضب تحولت إلى واحة للسكون.
هذه كانت نهاية المحطة الثالثة.
أعتذر عن تأخري في نشر المحطة، فنشراتي ستكون عندما يرغب قلبي بالكتابة. فلا أصارع الظروف ولا أصنع الأقدار، فأنا مسلم للأمور كما يُراد لها أن تحدث، فكل شيء سوف يحدث في وقته المناسب.
شكرًا لكم
خالد الحمادي
سلمت يداك